السبت، 28 مايو 2016

منازل القمر



كأحد المصابين بمتلازمة الأمل ، لم يعد أمامه سوى طريق واحد للوصول إلى حديقة النسيان. 
أن يخرج خارج ذاته وخارج دائرة الزمن الحالية، أن ينفي نفسه إلى غروب أخير، إلى وردة أو قصيدة، إلى منزل من منازل القمر.
الهجرة إلى مكان شاطئه مسك الطفولة أو لعلة مسك الكهولة، لم يعد هنالك فرق، فهو مصاب بـال (ليثولوجيكا)* وبسببه تسقط من قاموسه كلمة (الختام). 
ترك خلفة تمويهًا لأحباءٍ يُلاحقونه ، عنوان قديم في أغنية لم يعد يسمعها أحد، وقذف بهاتفه المحمول في مكان مجهول أسفل براد مياه كُتب أعلاه ( سُقيا الماء) ومع دموع مياه السُقيا ذابت الأسماء، الأرقام، الصور وتواقيت الاستيقاظ للحياة والإيواء للحلم ، ومنها بدأت رحلة النسيان.        
لكن القلب بقي في أول الطريق ، طفلًا ، يأوي ياسمينة خجولة وشوكة حادة صغيرة.
المغادرة في رحلة أخيرة عادةً لا يتطلب أمتعة كثيرة ، لأنك لا تعود أنت ، تترك متاعك على جانب الذكريات للعابرين. 
يعثرون على دفتر مذكراته، يقرأونه فلا يفهمون شيئًا 
من يفهم لمَ كان يسرح في خيوط دخان قهوته ؟ من يهمه أن يعرف لم كان يَعُد كل تلك الأشياء المُملة.  
يَعُد البشر على خط المشاه ، السيارات البيضاء والفتيات اللاتي يرتدين البنفسج 
يَعُد المراهقين الخارجين من (بيتزا هت) بعد صلاة الفجر !
يعد طوابير النخيل الواقفة على جانبي الشارع  ، بل ويعد القمر الواحد مرة تلو الأخرى 
من أين لهم أن يعرفوا أنه لم يكن ينتظر ، بل تلك طريقته في ممارسة الفرح 
لا يبحث عن من يكترث له و لم يعد يهتم لأحد ، وأيضا لا أحد يهتم لأمر شخص مُمل مثله كل مهمته أن
يتبرع بـ (أجيالًا من الأحزان) للمدللين ...
الذين حُرموا من أن يدركوا معنى أن يكون الإنسان إنسانًا.
____
*ليثولوجيكا lethologica : عدم القدرة في بعض الأحيان على تذكر الكلمات والمفردات المناسبة.

           

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق